المبحث الثاني:
آثار
للتهرب الضريبي ومضمون تجريمه.
يترتب
عن التهرب الضريبي آثار سيئة على الصعيد المالي والاجتماعي، خاصة إذا علمنا أن
تلبية الدولة حاجات المجتمع – في ظل ظاهرة التهرب الضريبي- تواجهه عدة إكراهات
وعراقيل. ولا يخفى على أحد مدى الأهمية التمويلية للضرائب في معظم الدول، خاصة
بالنسبة للدول النامية التي تعتمد على الضرائب كمورد أساسي لتمويل مشاريعها وسداد
احتياجاتها من نفقات اجتماعية ومالية ( المطلب الأول).
في
ظل هذه الإكراهات أصبح من الضروري البحث عن سبيل تجاوز هذه الآفة التي تفوق على
خزينة الدولة مبالغ مالية كبيرة، مما سيعيق كل تنمية وعدالة اجتماعية (المطلب
الثاني ).
المطلب
الأول: آثار التهرب على التوازنات المالية والعدالة الاجتماعية
إذا
كان ممكنا أن تدفع الضرائب بالتنمية وتواكبها في شموليتها، فإن التهرب الضريبي يعاكسها، نظرا
لأبعاده السلبية على المستوى المالي والاجتماعي.
الفقرة
الأولى: آثار التهرب على المردودية المالية
تعتبر الضريبة إحدى أدوات التمويل الأساسية لتغطية نفقات وتحملات الميزانية بشقيها التسيير والتجهيزي[1]، فهي أهم مورد يمول الخزينة العامة للدولة خاصة وأن الدولة المغربية تعد دولة ضريبية بامتياز[2]، وغير خاف أن المال العام هو عصب حياة الدولة ومرافقها ومحرك تنميتها وتطورها، مما يجعل كل انحراف في بلورة التشريع الجبائي أو في تطبيقه من لدن الإدارة الجبائية أو في الاستجابة إليه من جانب الملزمين يحرم الخزينة العامة من موارد عمومية أساسية ( أولا ).
تعتبر الضريبة إحدى أدوات التمويل الأساسية لتغطية نفقات وتحملات الميزانية بشقيها التسيير والتجهيزي[1]، فهي أهم مورد يمول الخزينة العامة للدولة خاصة وأن الدولة المغربية تعد دولة ضريبية بامتياز[2]، وغير خاف أن المال العام هو عصب حياة الدولة ومرافقها ومحرك تنميتها وتطورها، مما يجعل كل انحراف في بلورة التشريع الجبائي أو في تطبيقه من لدن الإدارة الجبائية أو في الاستجابة إليه من جانب الملزمين يحرم الخزينة العامة من موارد عمومية أساسية ( أولا ).
وهذه
الوضعية تدفع الدولة إلى البحث عن موارد إضافية لتغطية النقص كالزيادة في الضرائب
أو اللجوء إلى المديونية ( ثانيا
) .
أولا:
التهرب والنفقات العمومية.
يعد الإنفاق العام الأداة الأساسية للعمل المالي للحكومة، حيث يحظى بأهمية بالغة في تحديد معالم النشاط المالي للدولة ولمختلف الهيئات المتفرقة عنها، وفي قياس درجات إمكانياتها الاقتصادية والمالية، وبالتالي قدرتها على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
يعد الإنفاق العام الأداة الأساسية للعمل المالي للحكومة، حيث يحظى بأهمية بالغة في تحديد معالم النشاط المالي للدولة ولمختلف الهيئات المتفرقة عنها، وفي قياس درجات إمكانياتها الاقتصادية والمالية، وبالتالي قدرتها على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ولما كانت هذه النفقات تعتمد في
تمويلها على الجبايات إلى جانب مصادر أخرى فإن التهرب الضريبي يؤثر بشكل سلبي على النفقات
العمومية، وهكذا فقد أصبحت
ميزانية
الدولة تعاني من عجز هيكلي، فحسب الأرقام الرسمية المقدمة لصندوق النقد الدولي[3] انتقل عجز ميزانية
الدولة من 2.5 سنة 98 / 99 إلى 5.9 %سنة
2000، ثم انخفض إلى 2.7 % سنة
2001 بفضل موارد الخوصصة.
الملاحظ من خلال التقرير حول تنفيذ
المخطط الخماسي 2000/2004[4]، أن وضعية المالية العمومية اتسمت في سنة 2000 بارتفاع للمصاريف،
رافقه انخفاض كبير للمداخيل
مما
ساهم في تفاقم عجز الميزانية حيث تراجعت الموارد المالية خلال سنة 2000 بنسبة 14.6 % بالمقارنة مع سنة 1999.
ويعزى هذا التراجع أساسا إلى
انخفاض في المداخيل غير الجبائية، بما فيها مداخيل الاحتكار والخوصصة ب 66.3 % و 93.2 % على التوالي،
أما النفقات العادية للخزينة فقد تزايدت بنسبة 5.7 %
وذلك بسبب ارتفاع خدمة
الدين بنسبة 5.9 % ونفقات صندوق المقاصة بأكثر من 2000 نتيجة تحمل الدولة لارتفاع أسعار
المحروقات وتزايد النفقات سنة
2000.
وقد أصبح عجز الميزانية في
تزايد – منذ 1960- حيث بلغت نسبة العجز 70.5 خلال هذه السنة، وفي هذا الإطار فقد أكد صندوق النقد
الدولي أن التهرب الضريبي
أضحى
من الممارسات الاعتيادية لكل الملزمين بحيث تتراوح نسبة التهرب الضريبي ما بين 30 % و 50
% من حجم الموارد الجبائية مع إضافة القطاع غير المهيكل.[4]
أمام كل هذه الإكراهات في خضم
تفتيش التهرب الضريبي
والتي
أصبحت تهدد الدولة في إيراداتها
وتختل معه ميزانية الدولة بتقليص هذه الإيرادات، تضطر الدولة إلى الزيادة في عدد
الضرائب[5] ورفع أسعارها مما يرفع
نسبة الضغط الضريبي.
وهنا فلابد من تفادي ربط
الضرائب بأسعار حدية عليا مرتفعة بسبب تشجيع ذلك اللجوء إلى الغش والتهرب الجبائيين، وبأن يتم
بالمقابل وضع حد أمام اتساع
دائرة
الامتيازات الجبائية بحيث يستجيب تطبيق الضرائب بأسعار مقبولة دون المبالغة في منح أنظمة
الاستثناء بدل تشديد معدلات الاقتطاع الضريبي في إطار نظام يعتمد على المبالغة في أنظمة المفاضلة
الجبائية.[6]
وفي هذا الإطار فقد أكد الباحث
” نكاوسفاتن ” Negasywathin أن الخزينة
العامة للدولة النامية
تفقد سنويا ما بين 80 و 90 من إيراداتها الجبائية نتيجة عدة ممارسات ولاسيما التملص
الضريبي مما يؤثر على تمويل برامجها التنموية.[7]
ثانيا:
التهرب والمديونية
إذا كانت القروض العامة إضافة
إلى الإيرادات الضريبية، وإمكانية استخدام الإصدار النقدي الجديد تزيد من قدرة الدولة المالية
( المقدرة المالية القومية ) فإن
هذه القروض يجب أن لا تتجاوز نسبة معينة من الدخل القومي، وإلا تعرض الاقتصاد الوطني
لعدة مخاطر تعثر إمكانية نموه.
ويعتبر المغرب من بين البلدان
التي تعرف تضخما فيما يخص المديونية والتي يعاني من نتائج تسديدها على الصعيد الداخلي غير أن الدولة
وأمام ندرة الإيرادات
العمومية
وتزايد النفقات العامة المستمرة تلجأ الدولة مضطرة إلى الاستدانة خاصة وان إيراداتها الضريبية
التي تمثل أكثر من 60 %[8] من ميزانية الدولة تتعرض إلى تهرب مستفحل[9]يتزايد سنويا وهذا ليس
بالجديد فمنذ سنة 1980
وحسب
تقرير اللجنة الوطنية المكلفة بالحملة التطهيرية[10] ضد التهرب الضريبي والتهريب الجمركي
بلغت خسارة الخزينة ما يزيد عن 28 مليار درهم عن عمليات التهريب وحوالي 600 مليون درهم عن عمليات
التهرب الضريبي مما يمثل
إجماليا
حوالي نصف ميزانية الدولة، الشيء الذي يدفع بالدولة إن أرادت تغطية نفقاتها العامة اللجوء إلى
الاقتراض.
فإذا كانت كل حكومة على تعاقبها
بالمغرب تصرح بضرورة مواصلة تحسين تدبير الدين العمومي الذي يمثل ثلث حجم الميزانية العامة للدولة
حسب قانون وتصفية ميزانية 97/98
والعزم بالتالي على إجراء اتصالات مع الحكومات المعنية
( المقرضة)
لإيجاد حلول كفيلة بالتخفيف من تحملات هذا الذين فإن الدولة لا تجد محيدا من اللجوء إلى
الاقتراض بنوعيه الخارجي والداخلي لتبقى تبعاتها السلبية مستمرة، وهذا ما سنلاحظه من خلال المنحنى
التالي حسب السنوات من
2004 إلى
2007.
وهكذا نلاحظ أن مجموع النفقات
المتعلقة بخدمة الدين العمومي ما بين 2004 و 2007 هي على التوالي[11] 41.6 ، 40 ، 44.4 و 59
مليار درهم مما يرهق ميزانية
الدولة
ويعطل مسار التنمية بالمغرب مما يضطر الدولة إلى الاقتراض الخارجي مما سيزيد من تبعية
الاقتصاد المغربي للمؤسسات المالية الدولية الخاصة منها والعامة.
ولذلك
وجب على الدولة أن تبحث عن مصادر
جديدة وتعبئة مواردها الداخلية ولاسيما الضريبة بنهج سياسة حمائية من كل تهرب ضريبي
خاصة وأن الضرائب تشكل حوالي 90 % من مداخيل الدولة.
الفقرة الثانية: آثار التهرب على العدالة
الاجتماعية
من
أهم الآثار التي يخلفها الغش والتهرب الضريبي على صعيد المجال الاجتماعي: نقل
العبء الضريبي
فلما
تعنى التشريعات بالنص على تعريف عام للجريمة أو لبعض السلوكيات السلبية، وقد نسج التشريع
الضريبي على منوال الكثير من التشريعات، فجاء خاليا من تعريف التهرب الضريبي،
والغش الضريبي، كما لاحظنا سابقا وعدم وضع تعريف راجع إلى الخشية من مجيئه غير
دقيق ومضبوط، ليدخل في وظيفة الفقه ليزيح عنه كل غموض كالعبء الضريبي.
ويقصد
بنقل عبء الضريبة أن من يتولى دفع الضريبة لخزينة الدولة لا يتحملها شخصيا، إذ
ينقلها إلى غيره.[12]
ويتم
نقل عبء الضريبة عند تغيير الثمن أو نوع المنتوج، وهكذا فبانتقال عبء الضريبة،
يصبح المخاطب القانوني بالضريبة غير متحمل لها، غير أنه عمل على نقلها للغير كليا
أو جزئيا، وذلك وفقا للعوامل الاقتصادية التي تحكم العلاقات الاقتصادية فيما بينها.
وللإشارة،
فإن عملية نقل عبء الضريبة تتخذ أشكالا مختلفة وهي كالتالي:
أ-
نقل عبء الضريبة إلى الأمام أو التصاعدي:
وهو
تمكن منتج سلعة ما بالقيام بأداء ضريبة معينة لكن بنقل عبئها في اتجاه المستهلك
النهائي. وذلك بنقل المنتج العبء إلى تاجر الجملة بزيادة السعر بقيمة الضريبة
المدفوعة ومن تاجر الجملة إلى تاجر بالتقسيط فالمستهلك.
ب
– نقل عبء الضريبة إلى الخلف أو التراجعي:
ويتم
ذلك في حالة تمكن المنتج من تخفيض تكاليف الإنتاج، سواء على مستوى خفض أجور العمال
أو موارد الخام المستعملة في إنتاجه، وذلك تعويضا لقيمة الضريبة المؤداة أو جودة
الإنتاج قبل فرض الضريبة دون تغيير سعر المنتوج عما كان عليه.
ج-
نقل عبء الضريبة المنحرف:
وهو
انتقال العبء الضريبي المفروض على سلعة معينة إلى سلعة أخرى.
وبهذا
الشكل فإن التهرب الضريبي ونقل عبء الضريبة يشكلان آليات معيقة لأية إمكانية
لإعادة توزيع الدخول، على اعتبار أن المكلف إذا لم يستطع التخلص من عبئه بواسطة
تهربه من الضريبة فإنه سيلجأ إلى طريقة أخرى يحقق من خلالها مراده وذلك بنقل عبء
الضريبة إلى شخص آخر ليست له أية رابطة بالتكليف الضريبي القانوني.[13]
وللإشارة،
فمن الناحية المالية، هناك فرق بين التهرب الضريبي (بمفهومه الضيق)، الغش الضريبي
ونقل العبء الضريبي، إذ على المستوى الأول والثاني تفقد خزينة الدولة مبالغ ضريبية
كان منتظرا تحصيلها، في حين أن نقل عبء الضريبة لا يلحق بخزينة الدولة أية خسارة
مالية. إلا أنه يؤدي على مستوى الملزمين إلى تغيير الشخص الذي يتحمل الضريبة
قانونيا بشخص سيتحملها واقعيا.
فالتهرب
ونقل العبء وجهان لعملة واحدة باعتبارهما يساهمان معا في تحطيم خطاطة بناء نظام
جبائي عادل على مستوى توزيع الدخول.
المطلب
الثاني: مضمون تجريم الغش الضريبي.
لابد
للقانون الضريبي كغيره من القوانين الأخرى أن ينص على عقوبات تكفل تطبيقه
واحترامه، والعقوبات التي تضمنها قانون تجريم الغش الضريبي على المستوى الوطني
الذي لم يسلم من انتقادات، هذا إلى جانب اتخاذ العديد من الإجراءات على المستوى
الدولي من خلال العديد من الاتفاقات.
1-الإجراءات
المتخذة على المستوى الوطني
يتضمن
قانون تجريم الغش الضريبي في إطار المدونة العامة للضرائب جزاءات جبائية وأخرى
جنائية.
أ-
الجزاءات الجبائية
عمل
المغرب على تطوير المنظومة الجبائية من خلال الإصلاح الجبائي لسنة 1984، ولكن هذه
المنظومة حاولت تدارك بعض الثغرات التي كانت تعتري النصوص الجبائية ومن بينها
إخراج قانون لزجر وردع المرتكبين للغش الضريبي.
وهكذا
فقد حدد قانون تجريم الغش الضريبي مجموعة من الإجراءات تتمثل في:
- المادة 12:
تتعلق بالغش المخل بالقانون رقم 26 – 24 المتعلق بالضريبة على الشركات ؛
- المادة 13:
تتعلق بالغش في مجال القانون رقم 89 – 17 المتعلق بالضريبة العامة على الدخل ؛
- المادة 14:
تتعلق بالغش في مجال القانون رقم 85 – 30 المنظم للضريبة على القيمة المضافة.[14]
وهذه
الحالات التي ينص عليها قانون 1996-1996 المتعلق بتجريم الغش الضريبي كانت في ظل
القوانين المالية السابقة، وهذا يعني ان المشرع من خلال هذا القانون فانه قصد جميع
حالات الغش التي تنص عليها القوانين المالية السنوية، وبخصوص القانون المالي لسنة
2007 فقد عدل اسم تلك القوانين لتصبح المدونة العامة للضرائب، التي رتبت بدورها
جزاءات مالية وجنائية على المتهربين من الضرائب.
وهكذا
نجد المدونة العامة للضرائب للسنة المالية 2009، خصصت الجزء الثالث منها للجزاءات
الجبائية – مالية – قصد محاربة ظاهرة الغش الضريبي، ونورد مثال الجزاءات المالية
المشتركة بين الضرائب الثلاث: الضريبة على الدخل، الضريبة على الشركات، والضريبة
على القيمة المضافة، إذ ينص هذا القانون على أنه يتعرض لغرامة قدرها 1000 درهم كل
خاضع للضريبة لا يودع في الآجال المحددة التصريح بالتأسيس المنصوص عليها أو
الإدلاء بإقرار غير صحيح
كما
يتعرض لغرامة قدرها 500 درهم كل خاضع للضريبة لا يقوم بإشعار الإدارة الجبائية
بتحويل مقره الاجتماعي أو موطنه الضريبي.[15]
دون
أن ننسى المادة 187 من المدونة التي تنص على أنه تطبق غرامة تساوي 100 % من مبلغ
الضريبة المتملص منها على كل شخص تبت أنه ساهم في أعمال تهدف إلى التملص من دفع
الضريبة، أو ساعد الخاضع للضريبة أو أشار عليه بخصوص تنفيذ الأعمال المذكورة، بصرف
النظر عن العقوبة التأديبية إذا كان يمارس وظيفة عمومية.
وفيما
يتعلق بمحاربة جريمة التهريب الضريبي على المستوى الوطني، فالعقوبات والتدابير
الاحتياطية المطبقة في ميدان المخالفات الجمركية هي: الحبس، مصادره البضائع
المرتكب الغش بشأنها والوسائل المستعملة لإخفاء الغش، الغرامة الجبائية والغرامة
الإدارية[16]،
كما ينص على ذلك الفصل 208 من مدونة الجمارك.
ب-
الجزاءات الجنائية
شكل
تجريم الغش الضريبي والأفعال التي ترمي إلى التحايل على الإدارة الضريبية قصد
الإفلات من أداء المستحقات الضريبية بالمغرب، الملاذ الأخير للمشرع قصد محاربة هذه
الآفة الاقتصادية والمالية التي تلقي بانعكاساتها السلبية على مشروع التنمية
بالبلاد.
هذا
مع العلم أن العقوبة الجنائية المطبقة على الغش الضريبي في فرنسا في إطار المادة
1741 من المدونة العامة للضرائب إلى خمس سنوات وغرامة تتراوح ما بين 5000 و
250.000 فرنك، وفي حالة العود يمكن أن تصل مدة الحبس إلى عشر سنوات زيادة على
الغرامة المالية التي تتراوح ما بين 15.000 و 750.000 فرنك فرنسي كعقوبة أصلية،
إضافة إلى عقوبات تابعة أو إضافية
– accessoire- كالمنع من المشاركة والانخراط في بعض اللجن
والتسجيل في اللوائح الانتخابية لمدة تختلف باختلاف وحسب العقوبة الأصلية المحكوم
بها.
وبصفة
عامة، فإن العقوبات التي تضمنها قانون تجريم الغش الضريبي سواء منها العقوبات
الجبائية أو الزجرية، تبقى دون المستوى المطلوب، ذلك أنها خفيفة الوقع وأن مجالها
محدود وتطبيقها تلفه العراقيل المسطرية، مما يشجع المكلفين على التمادي في التهرب
الضريبي.
كما
نسجل أن موقف المشرع المغربي يكتنفه الغموض والتردد لأن استبعاد تطبيق قانون تجريم
الغش الضريبي على باقي الضرائب الأخرى لا يستند إلى أي مبرر مشروع، كما يتنافى
ومبدأ مساواة الملزمين أمام التهرب الضريبي، ويظل خارجا عن نطاق تطبيق هذا القانون
ما يرتكب من أفعال الغش والتهرب الضريبي بالنسبة للضرائب الأخرى التي تشكل مرتعا
للغش الضريبي. وذلك عن طريق إخفاء الثمن وصورية العقود كضريبة
التسجيل أو الضريبة على الأرباح العقارية
2- الإجراءات
المتخذة على المستوى الدولي
حددت
المادة 26 من اتفاقية الأمم المتحدة النموذجية لازدواج الضريبي بين الدول المتقدمة
والدول النامية على أنه:” تتبادل السلطات المختصة في الدولتين المتعاقدتين
المعلومات اللازمة لتطبيق أحكام هذه الاتفاقية وأحكام القوانين المحلية للدولتين
المتعاقدتين بشأن الضرائب المشمولة بالاتفاقية مادامت الضرائب المنصوص عليها لا
تتعارض مع الاتفاقية وللقيام على وجه الخصوص بمنع الغش والغش او التهرب الضريبي من
هذه الضرائب… ” [17]
أ-
تفعيل تبادل المعلومات والمساعدة على التحصيل
تتم
هذه العملية عن طريق إعطاء اختياري للمعلومات أو ببادرة من البلد المرسل، وقد تم
تبني ثلاث طرق لتبادل المعلومات[18] بين السلطات الجبائية
من أجل الحد من التهرب الضريبي الدولي:
وذلك
من خلال:
- مراقبة حركات
تنقل رؤوس الأموال بين الدول المتعاقدة التي تنتج عنها أرباح وفوائد ومكافآت
وغيرها من الدخول ؛
- إعطاء
المعلومات تحت الطلب العاجل تتمثل في قيام الدولة المتعاقدة بإرسال طلب مستعجل
للدولة المتعاقدة معها، تطلب فيه إيفادها وتزويدها بالمعلومات الضرورية، وقد تتعلق
هذه الأخيرة بمجموعة مهمة من الخاضعين للضريبة أو بنوع من النشاطات أو المعاملات.[20]
* المساعدة على
التحصيل:
التي
تعتبر مهمة في محاربة التهرب الضريبي الدولي، وهذه العملية لا يمكن أن تكون إلا
إذا كانت هناك اتفاقية تربط بين دولتين مختلفتين، وهذه الاتفاقية تبين المقتضيات
المتعلقة بمسألة تحصيل الضرائب.
ب-تنسيق
السياسة الجبائية.
هناك
اتفاقيات لمحاربة كل من الازدواج الضريبي، ففي إطار محاربة الجرائم الاقتصادية
والجريمة المنظمة على الصعيد فوق الوطني، فالأمم المتحدة ومنظمة التعاون والتنمية
طورت سياسة محاربة الغش الضريبي وتقوية ثقافة التعاون بين الدول، وفي هذا السياق
تم إحداث Office Européen de lutte
Anti –Fraude، من
طرف الاتحاد الأوربي بتاريخ 25 ماي 1999 لتقوية ثقافة التعاون بين الدول وتحقيق
فعالية في مجال محاربة التهرب الضريبي.
وفي
هذا الإطار، عمل المغرب على مواكبة السياسة الجبائية الدولية عبر إبرامه العديد من
الاتفاقيات الجبائية الدولية، والمصادقة عليها لمحاربة الازدواج الضريبي نذكر منها
على سبيل المثال:
- الاتفاقية المبرمة مع هنغاريا بتاريخ 21/08/1961 والتي لم تدخل حيز التنفيذ إلا بتاريخ 20/08/2000 .
[1] - أحمد حضراني ،” النظام الجبائي المحلي على ضوء
التشريع المغربي والمقارن “، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ،
العدد 22- 2001 ، ص : 407.
[4] - أحمد نميلي ،” التهرب الضريبي الداخلي والدولي”،
رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الأول،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة 2006- 2007 ص : 68.
[5] - وذلك بإحداث ضرائب ورسوم جديدة فقد كان قطاع
السياحة خاضعا لأكثر من 21 رسما أما مدونة التسجيل فكانت تضم أكثر من 30 تسعيرة
عدلتها الدولة إلى 5 نقاط كما أعادت الدولة الضريبة على الأراضي غير المبنية بعدما
كانت قد الفقهاء إلى جانب تقاطع رسوم الجماعات المحلية مع ضرائب الدولة.
[6] - المصطفى
معمر ،” السياسة المالية ونظام التمويل العمومي في ظرفية التقويم الهيكلي ( 1983 –
1993 محاولة في التحليل” ، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة الحسن الثاني،
كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، الدار البيضاء، 1998 – 1999 ص
40.
[8] - انظر قانون المالية للسنة المالية 2006، الجريدة
الرسمية عدد 5382 ذو القعدة 1426 ( 29 ديسمبر 2005).
[10] - شملت حقوق الجمارك، الاقتطاع الجبائي على الاستيراد
، الضريبة على القيمة المضافة الضريبة على الشركات والضريبة العامة على الدخل.
[11] - هذه النسب مأخوذة على التوالي من الجريدة الرسمية
عدد 5174 لسنة 2004 ص 90 ج ر عدد 5278 لسنة 2005 ص: 4224 ، ج ر عدد 4224 ج ر عدد
5382 لسنة 2005 ص 1132 ج ر عدد 5478 لسنة 2007 ص 166 ( انظر أحمد حليبة ،”التهرب
الضريبي…”، م س ، ص: 161 –162.
[14] - وهذه
الجزاءات قد أعطى المشرع لوزير المالية أو الشخص المفوض من قبله سلطة الإسقاط أو
التخفيض منها كما هو منصوص عليه في القانون الضريبي” ، حسب المادة 53 من الضريبة
على الشركات.
[17] - الحبيب العشان، “مساهمة القاضي الضريبي المغربي في
حماية الاستثمار” ، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق ، جامعة محمد الخامس كلية
العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ، أكدال- الرباط، 2006 – 2007، ص: 105.
[18] - من بين السلطات المكلفة بطلب هذه المعلومات نذكر
على سبيل المثال لا الحصر ، السلطات الجبائية المكلفة بتحصيل الضرائب المنصوص
عليها في الاتفاقيات المحاكم الإدارية ، مجموع الخواص، في البلد المرسل إليه…
[19] - تنصب هذه المعلومات حول: المصادر المنتظمة للدخول ،
العمليات التي يساهم فيها الخاضع للضريبة بصورة نشيطة ، العلاقات التجارية بين
الدولتين المتعاقد بين كحجم التبادل التجاري.
[20] - فتيحة بلعماري،” إشكالية التهرب الضريبي الدولي في
إطار العلاقات الاقتصادية الدولية – حالة العالم الثالث”، رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا في القانون العام، جامعة الحسن الثاني ، كلية العلوم القانونية
والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، 1985 ص 133.